أخبار عاجلة
المهندس مدحت القاضي
المهندس مدحت القاضي

المهندس مدحت القاضي يكتب : وسائل التواصل الاجتماعي نافذة على العالم الحقيقي لا الموازٍ

منذ ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، تشكلت آراء كثيرة حولها، بعضُها يتهمها بصناعة “حياة موازية”، والبعض الآخر يعتبرها “وسيلة للاستنساخ الذاتي”. ولكن، هل هذا حقًا جوهر وسائل التواصل؟ أم أننا ننظر من زاوية واحدة ضيقة إلى أداة واسعة التأثير والإمكانات؟

في الواقع، وسائل التواصل الاجتماعي لم تُنتج لنا “شخصيات موازية” ولا “أصنامًا” نعبدها، بل خلقت لنا أدوات تعبير، وشبكات دعم، وفضاءً عامًا ديمقراطيًا نُحاور فيه، نُعبّر عن ذواتنا، ونتواصل مع من يشبهنا ومن يختلف عنا.

  1. حرية التعبير وتوسيع دائرة الصوت:

منصات مثل تويت X لم “تستنسخ ثائرًا”، بل أتاحت للأفراد التعبير عن آرائهم في قضايا المجتمع والسياسة دون الحاجة لميكروفون السلطة أو منابر الإعلام الرسمي. المواطن العادي أصبح مؤثرًا، و”التغريدة” أصبحت أداة رأي عام و قد اتضح ذلك جليا في ثورات الربيع العربي

فيسبوك لم يصنع شخصية “الزهقان”، بل سهّل تواصل الأهل والأصدقاء في المدن المختلفة والبلدان البعيدة، ومكّن كبار السن من استعادة صداقاتهم، ومكّن من تشكيل مجتمعات دعم نفسي واجتماعي حقيقية كم من الشيوخ والعلماء تواصلوا من احبابهم

إنستجرام لم “يستنسخ السطحية”، بل مكّن من عرض المهارات الإبداعية في التصوير، التصميم، الموضة، والديكور، وفتح فرصًا للفنانين والمبدعين والشباب للعمل الحر.

تيك توك ويوتيوب وغيرهما تحولت إلى جامعات مفتوحة، تُقدم محتوى علميًا وثقافيًا وتدريبيًا من أعلى المستويات – من تعلم اللغات والبرمجة إلى التفسير القرآني وحتى وصفات الطهي التب يستهين بها البعض لها فوائد جمه

حين يكتب شخص منشورًا حزينًا، فغالبًا ما يحتاج فعلًا لمن يسمعه. ومن الخطأ السخرية من هذه الحاجة للبوح أو طلب الدعم العاطفي – فالاهتمام ليس ضعفًا، بل حاجة إنسانية أصيلة.

ملايين الأشخاص بنوا مشاريع تجارية ناجحة انطلقت من صفحات فيسبوك أو حسابات إنستجرام أو فيديوهات تيك توك، من أصحاب الحرف البسيطة حتى شركات التقنية.

التواصل الاجتماعي كسر احتكار النخبة للحديث، وساوى بين الأستاذ والطالب، بين الصحفي والمواطن، بين المركز والهامش.

وسائل التواصل ليست “حياة موازية”… بل امتداد للحياة الواقعية

لم تصنع هذه المنصات “أصنامًا”، ولم تخلق “بني آدم موازٍ”، بل كشفت ما كان مكبوتًا، ومنحت أدوات التعبير، ونقلت العلاقات من الحيز الضيق إلى المجال الواسع.

نعم، هناك سوء استخدام، وهناك من يبالغ في “الاستعراض”، لكن هل نلوم المنصة أم المستخدم؟

هل نلوم السيارة لأنها قد تدهس أحدهم، أم السائق الذي يقود بطيش؟

في الختام:

وسائل التواصل الاجتماعي ليست جنة ولا جحيم، إنها مرآة ذكية للعالم، نرى فيها أنفسنا… كما نختار أن نكون.

المقال يكتبه المهندس مدحت القاضي

نائب رئيس جمعية رجال اعمال اسكندرية

ورئيس شعبة خدمات النقل الدولي واللوجيستيات بالغرفة التجارية بالإسكندرية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *